خَلَتْ} هلكت. {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} وهم الذين عملوا مثل عملهم. {إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ} تعليل لاستحقاقهم العذاب.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٢):
{وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ}: أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كنت مستترا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر:
قرشيّ وختناه (١) ثقفيّان-أو ثقفيّ وختناه قرشيان-كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخر: إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه، وإذا لم نرفعه لم يسمعه، فقال الآخر: إن سمع منه شيئا سمعه كلّه-قال-: فذكرت ذلك للنبي ص، فأنزل الله عز وجل:{وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} إلى قوله: {مِنَ الْخاسِرِينَ}.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى كيفية عقوبة أولئك الكفار الجاحدين في الدنيا، أردفه ببيان كيفية عقوبتهم في الآخرة، ليكون ذلك أتم في الزجر والتحذير. ثم ذكر تعالى بقوله:{وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ.}. سبب بقائهم في الكفر. قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه: أنه خذلهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر، فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين، والدليل عليه:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً، فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف ٣٦/ ٤٣](٢).
(١) الختن: الصهر، والثقفي: عبد ياليل، وختناه: ربيعة وصفوان بن أمية. (٢) الكشاف: ٧٠/ ٣