قد أسلموا، وكانوا يخفون الإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم، فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين، فأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} الآية، فكتبوا بها إلى من بقي بمكة منهم، وأنه لا عذر لهم، فخرجوا، فلحق بهم المشركون، ففتنوهم فرجعوا فنزلت:{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ: آمَنّا بِاللهِ، فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللهِ}[العنكبوت ١٠/ ٢٩] فكتب إليهم المسلمون بذلك، فتحزنوا، فنزلت:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا}[النحل ١١٠/ ١٦] الآية، فكتبوا إليهم بذلك، فخرجوا، فلحقوهم، فنجا من نجا، وقتل من قتل.
سبب نزول الآية (١٠٠):
{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ}: أخرج ابن أبي حاتم وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله: احملوني، فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنزل الوحي:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً} الآية.
ويقال: كان جندب بن ضمرة من بني ليث من المستضعفين بمكة، وكان مريضا، فلما سمع ما أنزل الله في الهجرة، قال: أخرجوني، فهيئ له فراش، ثم وضع عليه، وخرج به، فمات في الطريق بالتنعيم (١)، فأنزل الله فيه:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً} الآية (٢).
المناسبة:
لما ذكر الله تعالى في الآية السابقة تفضيل المجاهدين في سبيل الله على
(١) التنعيم: موضع قرب مكة في الحل، يعرف بمسجد عائشة، منه يحرم المعتمر بالعمرة. (٢) تفسير القرطبي: ٣٤٩/ ٥