لُغَتُهُمْ، وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: هِيَ لُغَةٌ عَرَبِيَّةٌ تَدْعُوهُ بِهَا إِلَى نَفْسِهَا، وَهِيَ كَلِمَةُ حَثٍّ وَإِقْبَالٍ عَلَى الْأَشْيَاءِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هَوَّتَ بِهِ وَهَيَّتَ بِهِ إِذَا صَاحَ بِهِ وَدَعَاهُ، قَالَ:
قَدْ رَابَنِي أَنَّ الْكَرِيَّ أَسْكَتَا ... لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهَا لَهَيَّتَا
أَيْ صَاحَ، وَقَالَ آخَرُ:
يَحْدُو بِهَا كُلُّ فَتًى هَيَّاتِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ مَعاذَ اللَّهِ) أَيْ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَأَسْتَجِيرُ بِهِ مِمَّا دَعَوْتِنِي إِلَيْهِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، أَيْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مَعَاذًا، فَيُحْذَفُ الْمَفْعُولُ وَيَنْتَصِبُ الْمَصْدَرُ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ، وَيُضَافُ الْمَصْدَرُ إِلَى اسْمِ اللَّهِ كَمَا يُضَافُ الْمَصْدَرُ إِلَى الْمَفْعُولِ، كَمَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ مُرُورَ عَمْرٍو أَيْ كَمُرُورِي بِعَمْرٍو. (إِنَّهُ رَبِّي) يَعْنِي زَوْجَهَا، أَيْ هُوَ سَيِّدِي أَكْرَمَنِي فَلَا أَخُونُهُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّدِّيُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي تَوَلَّانِي بِلُطْفِهِ، فَلَا أَرْتَكِبُ مَا حَرَّمَهُ. (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: يَا يُوسُفُ! مَا أَحْسَنَ صُورَةَ وَجْهِكَ! قَالَ: فِي الرَّحِمِ صَوَّرَنِي رَبِّي، قَالَتْ: يَا يُوسُفُ مَا أَحْسَنَ شعرك! قال: هو أول شي يَبْلَى مِنِّي فِي قَبْرِي، قَالَتْ: يَا يُوسُفُ! مَا أَحْسَنَ عَيْنَيْكَ؟ قَالَ: بِهِمَا أَنْظُرُ إِلَى رَبِّي. قَالَتْ: يَا يُوسُفُ! ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي وَجْهِي، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ الْعَمَى فِي آخِرَتِي. قَالَتْ يَا يُوسُفُ! أَدْنُو مِنْكَ وَتَتَبَاعَدُ مِنِّي؟! قَالَ: أُرِيدَ بِذَلِكَ الْقُرْبَ مِنْ رَبِّي. قَالَتْ: يَا يُوسُفُ! الْقَيْطُونُ «١» [فَرَشْتُهُ لَكَ «٢»] فَادْخُلْ مَعِي، قَالَ: الْقَيْطُونُ لَا يَسْتُرُنِي مِنْ رَبِّي. قَالَتْ: يَا يُوسُفُ! فِرَاشُ الْحَرِيرِ قَدْ فَرَشْتُهُ لَكَ، قُمْ فَاقْضِ حَاجَتِي، قَالَ: إِذًا يَذْهَبُ مِنَ الْجَنَّةِ نَصِيبِي، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهَا وَهُوَ يُرَاجِعُهَا، إِلَى أَنْ هَمَّ بِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا زَالَ النِّسَاءُ يَمِلْنَ إِلَى يُوسُفَ مَيْلَ شَهْوَةٍ حَتَّى نَبَّأَهُ اللَّهُ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ هَيْبَةَ النُّبُوَّةِ، فَشَغَلَتْ هَيْبَتُهُ كُلَّ مَنْ رَآهُ عَنْ حُسْنِهِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَمِّهِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَمَّهَا كَانَ الْمَعْصِيَةَ، وأما يوسف فهم بها
(١). القيطون: المخدع، أعجمي، وقيل: بلغة أهل مصر والبربر.(٢). من ى. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute