قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) الْآيَةَ «١». نَزَلَتْ فِي يَهُودِ الْمَدِينَةِ وَمَا وَالَاهَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودَ، إِذَا كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَى لِسَانَهُ وَقَالَ: أَرْعِنَا سَمْعَكَ «٢» يَا مُحَمَّدُ حَتَّى نُفْهِمَكَ، ثُمَّ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ وَعَابَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) إِلَى قَوْلِهِ (قَلِيلًا). وَمَعْنَى (يَشْتَرُونَ) يَسْتَبْدِلُونَ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى «٣») قَالَهُ الْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى تَضِلُّوا طَرِيقَ الْحَقِّ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: (تُضَلُّوا) بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ عَنِ السَّبِيلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ) يُرِيدُ مِنْكُمْ، فَلَا تَسْتَصْحِبُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (أَعْلَمُ) بِمَعْنَى عَلِيمٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ «٤») أَيْ هَيِّنٌ. (وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا) الْبَاءُ زَائِدَةٌ، زِيدَتْ لِأَنَّ الْمَعْنَى اكْتَفُوا بِاللَّهِ فهو يكفيكم أعداءكم. و (وَلِيًّا) و (نَصِيراً) نَصْبٌ عَلَى الْبَيَانِ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى الْحَالِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنْ جُعِلَتْ (مِنَ) مُتَعَلِّقَةً بِمَا قَبْلُ فَلَا يُوقَفُ عَلَى قَوْلِهِ (نَصِيراً)، وَإِنْ جُعِلَتْ مُنْقَطِعَةً فيجوز الوقف على (نَصِيراً) والتقدير
(١). في ج، ط.(٢). في ج، ط: سمعا.(٣). راجع ج ١ ص ٢١٠.(٤). راجع ج ١٤ ص ٢٠ [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute