السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ- وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْجَنَابَةَ وَلَا الْحَدَثَ، وَأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَهُمَا إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ عَادَ جُنُبًا كَمَا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ: (إِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ) إِلَّا شي رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ قَالَ فِي الْجُنُبِ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ حَتَّى يُحْدِثَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَقِلَّةُ رَوِيَّةٍ. وَلَمْ يَكُنْ أَبُو سَلَمَةَ عِنْدَهُمْ يَفْقَهُ كَفِقْهِ أَصْحَابِهِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ. الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ- وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ تيمم على ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَعَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وقد كان اجتهد طَلَبِهِ الْمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ فِي رَحْلِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ، لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ كَمَا أُمِرَ. فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تُوجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ إِذَا تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ. وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمَكْحُولٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ. وَاسْتَحَبَّ الْأَوْزَاعِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: (أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ) وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: (لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: وَغَيْرُ [ابْنِ «١»] نَافِعٍ يَرْوِيهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَمِيرَةَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بعد [في «٢»] الوقت.
(١). زيادة عن أبى داود، لان عبد الله بن نافع هو راوي الحديث.(٢). الزيادة عن الدارقطني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute