ومذهَبُ اثْنَيْنِ، عمرَ وعُثمانَ، التَّفْضِيلُ. وقد رُوِى عن أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ [جَوازُ التَّفْضِيلِ](١)، فرَوَى عنه الحسَنُ بنُ علىِّ بنِ الحسَنِ (٢)، أنَّه قال: للإِمامِ أن يُفَضِّلَ قَوْمًا على قَوْمٍ؛ لأنَّ عمرَ قَسَمَ بينهم على السَّوابِقِ، وقال: لا أجْعَلُ مَن قاتَلَ على الإِسْلامِ، كمَن قُوتِلَ عليه. ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَسَم النَّفَلَ بينَ أهْلِه مُتَفاضِلًا على قَدْرِ غَنائِهم (٣). وهذا في مَعْناه. ورُوِىَ عنه، أنَّه لا يجوزُ التَّفْضِيلُ. قال أبو بكرٍ: اخْتارَ أبو عبدِ اللَّهِ أن لا يُفَضلوا. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لِما ذَكَرْنا مِن فِعْلِ أبى بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. قال الشافعىُّ: إنى رأيْتُ اللَّهَ (٤) قَسَمَ المَوارِيثَ على العَدَدِ، يكونُ الأخْوَةُ مُتَفاضِلِين في الغَناءِ عن المَيِّتِ، والصِّلَةِ في الحياةِ، والحِفْظِ بعدَ الموتِ، فلا يُفَضَّلُون، وقَسَم رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعةَ أخْماسِ الغَنِيمَةِ على العَدَدِ، ومنهم مَن يُغْنِى غايةَ الغَناءِ، ويكونُ الفَتْحُ على يَدَيْه، ومنهم مَن يكونُ مَحْضَرُه إمَّا غيرُ نافِعٍ، وإمَّا ضَررٌ بالجُبْنِ والهزِيمَةِ، وذلك أنَّهم
(١) سقط من: م. (٢) هو الحسن بن على بن الحسن الإسكافى، أبو على، جليل القدر، عنده عن الإمام أحمد مسائل صالحة حسان كبار، أغرب فيها على أصحابه. طبقات الحنابلة ١/ ١٣٦، ١٣٧. (٣) انظر ما ذكره أبو عبيد، في الأموال ٣٠٧، ٣١٦. (٤) في م: «أنه».