. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا الصَّبِىُّ العاقِلُ الذى يُطِيقُ الصَّوْمَ، فيَصِحُّ منه، ولا يَجبُ عليه حتى يَبلُغَ، وكذلك الجارِيَةُ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهذا قولُ أكثرِ أهَل العِلْمِ. وذهَب بَعْضُ أصحابِه إلى أنَّه يَجِبُ على الغُلامِ الذى يُطِيقُه إذا بَلَغ عَشْرًا؛ لِما روَى ابنُ جُرَيج عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبى لَبِيبَةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «إذا أطَاقَ الغُلَامُ صِيامَ ثلاثةِ أيَّامٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رمضِانَ» (١). ولأنَّها عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، أشْبَهَتِ الصلاةَ. والمَذْهَبُ الأوَّلُ. قال القاضى: المَذْهَبُ عندِى، رِوايَةً واحِدَةً، أنَّ الصلاةَ والصومَ لا تَجِبُ حتى يَبْلُغَ، وما قالَه أحمدُ في مَن تَرَك الصلاةَ يَقْضِيها، نَحْمِلُه على الاسْتِحْباب؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ، ولأنَّها عِبادَةٌ، فلم تَجِبْ على الصَّبِىِّ، كالحَجِّ. وحديثُهم مُرْسَلٌ، ويُمْكِنُ حَمْلُه على الاسْتِحْبابِ، وسَمّاه واجِبًا تأكيدًا، كقَوْلِه عليه السلامُ: «غُسْلُ الجُمُعَةِ (٢) وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحتَلِمٍ» (٣). وفى ذلك جَمْعٌ بينَ الحَدِيثَيْن، فكان أوْلَى، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ.
(١) أخرجه عبد الرزاق، في: باب متى يؤمر الصبى بالصيام، من كتاب الصيام. المصنف ٤/ ١٥٤، ١٥٥.(٢) في م: «يوم الجمعة».(٣) تقدم تخريجه في ٥/ ٢٦٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute