وقالت طائفةٌ: تلك النُّصُوصُ المطلَقَةُ قد جاءت مقيَّدَةً في أحاديثَ أُخَر؛ ففي بعضِها:«مَنْ قَالَ: لا إله إلا اللَّه مُخْلِصاً»(١)، وفي بعضِها:«مُسْتَيْقِناً»(٢)، وفي بعضِها: «يُصَدِّقُ قلبُه لِسَانَه (٣)» (٤)، وفي بعضِها:«يَقُولُهَا حَقّاً من قَلبِهِ»(٥)، وفي بعضِها:«قَدْ ذَلَّ بها لِسَانُه واطمَأَنَّ بها قَلبُه»(٦)، وهذا كُلُّه إشارةٌ إلى عَمَلِ القَلبِ وتَحَقُّقِهِ بمعنى الشَّهَادَتَينِ.
فتَحَقُّقُهُ بقولِ (٧)«لا إله إلا اللَّه»: أن لا يَأْلَه القَلْبُ غيرَ اللَّه؛ حُبّاً ورجَاءً وخَوفاً وتَوكُّلاً واستعانةً وخُضُوعاً وإِنَابَةً وطَلَباً.
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (٩١) من حديث أبي هُريرَةَ ﵁. (٢) أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» رقم (١٥٦) من حديث أبي هريرة ﵁، وقد تقدَّم ذكره ص ٤٦ - ٤٦. (٣) وقع في نسخة (ب): «مُصَدِّقاً بِهَا قَلبُه ولِسَانُه»، والظاهر أن واو العطف زائدة؛ فوجودها مخِلٌّ بالمعنى، ويؤيِّد هذا أنَّه قد وَرَدَ في «سنن النسائي الكبرى» رقم (٩٧٧٢): «مُصَدِّقاً بِهَا قَلبُه لِسَانَه» بدون واو العطف. (٤) أخرجه أحمد في «المسند» رقم (٨٠٧٠ و ١٠٧١٣)، وابن خزيمة في «التوحيد» رقم (٤٤١ و ٤٦١)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٦٩) وصححه. (٥) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» رقم (٤٤٧)، وابن خزيمة في «التوحيد» رقم (٥٠٠)، وصحَّحه ابنُ حبان «صحيحه» رقم (٢٠٤)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٧٢ و ٣٥١) وصحَّحه، وجوَّد إسناده ابن كثير في «مسند الفاروق» (١/ ٣٢٧). (٦) أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٢٥٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» رقم (٩)، وغيرُهما، وإسناده ضعيف جدّاً. (٧) في نسخة (ب): [فتَحَقُّقُه بمعنى شَهَادَة: أنْ لا إِلَه إلا اللَّه].