إظهار الحق، وكان القصد إنما هو إظهار الغلبة على الغير، أو كان الجدال في نفس آيات القرآن، أو في معنى لا يسوغ الاجتهاد فيه، أو في أمير يوقع في شك، أو شبهة، أو فتنة، أو خصومة، أو شحناء، أو نحو ذلك، وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق وجدالهم في ذلك، فليس منهيًّا عنه بل مأمورًا به، وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى الآن.
وقوله:"ولا تمازحه". من المزح، وهو المداعبة، والمراد المنهي عنه ما كان باطلًا، وأما ما كان حقًّا ولا يتسبب به شحناء، فهو جائز، كما قد وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - (١). وروي أبو هريرة أنهم قالوا: يا رسول الله، إنك لتداعبنا. قال:"إني لا أقول إلا حقًّا". أخرجه الترمذي (٢). فنبه أن المزاح الحق لا حرج فيه.
وقوله:"ولا تعده موعدًا فتخلفه". يدل على أنه لا يجوز إخلاف الوعد. وقد تقدم قريبًا أن ذلك من علامة النفاق (٣)، ولعل المحرم منه ما كان فيه ترك واجب، وما لم (أ) يكن كذلك فهو مكروه. والله أعلم.