وإنما كان ذلك الوجه؛ لما قدمنا ذكره؛ لأنه بمنزلة إضافة الشيء إلى النوع الذي هو منه، كقولنا:" ثوب خزّ " و " خاتم حديد " وكذلك أضيف: " مائة ثوب " و " ألف ثوب " ومع ذلك فإن الإضافة في اللفظ أخف.
وتعرّف " ثلاثة " بإدخال الألف واللام على ما بعدها، فتقول:" ثلاثة الأبواب " و " خمسة الأشبار "، قال ذو الرمة:
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
وقال آخر:
وما زال مذ عقدت يداه إزاره ... فدنا فأدرك خمسة الأشبار (١)
فإن قال قائل: فلم قالوا: " ثلاثة أثواب " و " عشر نسوة "، ولم يقولوا:" واحد أثواب، واثنتا نسوة ".
فالجواب في ذلك: أن الواحد والاثنين يكون لهما لفظ يدل على المقدار والنوع، فيستغنى بذلك اللفظ عن ذكر المقدار الذي يضاف إلى النوع، كقولك:" ثوب " و " امرأتان " فدل: " ثوب " على الواحد من هذا الجنس، ودلت " امرأتان " على ثنتين من هذا الجنس، فاستغنى بذلك عن قولك " واحد أثواب " و " اثنتا نسوة " وقد جاء في الشعر، قال الراجز:
كأنّ خصييه من التّدلدل ... ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (٢)
أراد حنظلتان، فأضاف " ثنتا " إلى نوع الحنظل.
وأما ثلاثة إلى العشرة، فليس فيه لفظ يدل على النوع والمقدار جميعا، فأضيف المقدار الذي هو الثلاثة إلى النوع وهو ما بعدها.
فإن سأل سائل، فقال: ما معنى قول سيبويه: " ومما أجري هذا المجرى " وإلى ماذا أشار بهذا؟ وكيف جريه
مجراه؟
فالجواب في ذلك: أن الفصل الذي قبل هذا، وهو قولك:" زيد أشجع رجل "
(١) ديوان الفرزدق ٣٧٨ - الخزانة ١/ ١٠٣ - شواهد المغني ٢٥٦. (٢) الرجز لخطام المجاشعي في هجاء شيخ كبير الخزانة ٣/ ٣١٤ - الحماسة ٤/ ١٣٨.