واعلم أن " اللام " ونحوها من حروف الجر قد تحذف من " أن " كما حذفت من " إن " وجعلوها بمنزلة المصدر حين قلت: " فعلت ذاك حذر الشر " أي: لحذر الشر ويكون مجرورا على التفسير الآخر.
ومثل ذلك قولك: إنما انقطع إليك أن تكرمه أي لإكرامه ومثل ذلك قوله: لا تفعل كذا وكذا أن يصيبك أمر تكرهه كأنه قال: لأن يصيبك أو: من أجل أن يصيبك وقال عز وجل: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما (٣)، وقال عز وجل: أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (٤).
" فأنّ " هاهنا حالها في حذف حرف الجر كحال " أن " وتفسيرها كتفسيرها. وهي مع صلتها بمنزلة المصدر من ذلك قولك: أئتني بعد أن يقع الأمر. وأتاني بعد أن وقع الأمر كأنه قال: بعد وقوع الأمر. ومن ذلك قوله:" أما أن أسير إلى الشام فما أكرهه ".
" وأما أن أقيم فلي فيه أجر " كأنه قال: أما السيرورة فما أكرهها. وأما الإقامة فلي فيها
(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٤. (٢) البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت. الخزانة: ٢/ ١٠٤، الهمع: ٢/ ٣، الأعلام: ٤/ ٧٤. (٣) سورة البقرة، الآية: ١٨٢. (٤) سورة القلم، الآية: ١٤. (٥) البيت بديوان الأعشى: ١٢٠، المقتضب: ١/ ٢٩٢.