أدخلوا النون على الفعل الذي بعدها، كما أدخلوها على ما بعد حرف النفي.
ومن ذلك أنهم يقولون:" أنا " إذا وقفوا عليه ومنهم من يقول: " أنه " فإذا وصلوا حذفوا الألف والهاء، فقالوا:" أن قمت " بحذف الألف وفتح النون؛ لأن الألف المزيدة إنما كانت لبيان حركة النون، وكذلك الهاء، فإذا وصلت بانت الحركة، فاستغني عن الألف.
وربما اضطر الشاعر فيثبتها وهو واصل.
قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني ... حميد قد تذرّيت السّناما (١)
وقال الأعشى:
فكيف أنا وانتحالي القواف ... ي بعد المشيب كفى ذاك عارا (٢)
وكان أبو العباس ينكر هذا، وينشد بيت الأعشى:" فكيف يكون انتحالي القوافي ".
ولم ينشد البيت الأول.
فإن قيل: كيف يكون هذا ضرورة، وفي القرّاء من يثبت هذه الألف في الوصل، فيقرأ: وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ (٣)، وما كان في القرآن، مثله لا يقال له ضرورة.
قيل له: يجوز أن يكون هذا القارئ وصل في نيّة الوقف، كما قرأ بعضهم:
فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً (٤) وما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ (٥)، فأثبتوا هاءات الوقف في الوصل، على نية الوقف، وإن كان الفصل بين النطقين قصير الزمان.
[باب الحذف]
قال أبو سعيد: اعلم أن الشاعر يحذف ما لا يجوز حذفه في الكلام، لتقويم الشعر، كما يزيد لتقويمه.
(١) البيت منسوب لحميد بن حريث بن بحدل في الخزانة ٢/ ٣٩٠، وبلا نسبة في ابن يعيش ٣/ ٨٤. (٢) البيت في ديوانه ٤١، واللسان (نحل). (٣) سورة الممتحنة، آية: ١. (٤) سورة الأنعام، آية: ٩٠. (٥) سورة القارعة، آية: ١٠.