وذلك قولك: بلغتني قصتك أنك فاعل. وقد بلغني الحديث أنهم منطلقون، وكذلك القصة وما أشبهها.
[هذا باب تكون فيه «أن» بدلا من شيء ليس بالأول]
من ذلك وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ (١)(فأنّ) مبدلة من " إحدى الطائفتين " موضوعة في مكانها كأنك قلت. وإذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم كما أنك إذا قلت:(رأيت متاعك بعضه إلى بعض) فقد أبدلت الآخر من الأول:
فكأنك قلت:" رأيت بعض متاعك فوق بعض فإنما نصبت بعضا " لأنك أردت معنى:
(رأيت بعض متاعك فوق بعض) كما جاء الأول على معنى: " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين لكم ".
وقال عز وجل: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٢) فالمعنى والله أعلم: ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم إليهم لا يرجعون ومما جاء مبدلا من هذا الباب قوله: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣) فكأنه قال: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، وذلك أريد بها ولكنها إنما قدمت " أن " الأولى ليعلم بعد أي شيء الإخراج.
ومثله قوله: زعم أنه إذا أتاك أنه سيفعل، وقد علمت أنه سيفعل وقد علمت أنه إذا فعل أنه لا يستقيم أن تبتدئ " إنّ " هاهنا. كما تبتدئ الأسماء والفعل إذا قلت:(قد علمت زيدا أبوه خير منك). وقد رأيت زيدا يقول " أبوه ذاك "؛ لأن " إنّ " لا تبتدأ في كل موضع من تلك المواضع.
وزعم الخليل أن مثل ذلك قوله عز وجل: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ (٤) ولو قال: " فإنّ " كانت عربية جيدة. وسمعناهم يقولون
(١) سورة الأنفال، الآية ٧. (٢) سورة يس، الآية ٣١. (٣) سورة المؤمنون، الآية ٣٥. (٤) سورة التوبة، الآية ٦٣.