وقد أجازه أبو العباس على كلامين. كأنه قال:" وقد علمت ... " ثم ابتدأ فقال " أن زيدا ذاهب " وهذا ضعيف.
وباقي الكلام مفهوم من لفظ سيبويه هذا باب «أنّ» و «إنّ»
فأن مفتوحة تكون على وجوه:
فأحدهما: أن تكون " أن " وما تعمل فيه من الأفعال بمنزلة مصادرها.
والآخر: أن تكون فيه بمنزلة " أي ".
ووجه آخر: تكون فيه مخففة من الثقيلة.
ووجه آخر: تكون فيه لغوا نحو قولك: لما أن جاء وأما والله أن لو فعلت.
وأما أن فتكون للمجازاة وتكون " أن " يبتدأ ما بعدها في معنى اليمين وفي اليمين كما قال الله عز وجل: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (١)، ووَ إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٢)، وحدثني عن رجل من أهل المدينة موثوق به أنه سمع عربيا يتكلم بمثل قولك:" أن زيدا لذاهب " وهي التي في قوله عز وجل: وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣).
وهذه " أن " محذوفة. وتكون بمنزلة " ما " قال الله عز وجل: إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٤).
وتصرف الكلام إلى الابتداء كما صرفتها " ما " إلى الابتداء وذلك قولك:
ما أن زيد ذاهب. قال الشاعر:
وما إن طبنا جين ولكن ... منايانا ودولة آخرينا (٥)
(١) سورة الطارق، الآية: ٤. (٢) سورة يونس، الآية: ٣٢. (٣) سورة الصافات، الآيتان: ١٦٧، ١٦٨. (٤) سورة الملك، الآية: ٢٠. (٥) الخزانة: ٢/ ١٢١، الكتاب: ٢/ ٣٠٥، الهمع: ١/ ١٢٣، الحماسة البصرية: ٢/ ٤١٦.