وقد دخل في الباب الذي يتلوه وهو باب إضافة كل اسم آخره ياء.
[هذا باب التصغير]
اعلم أن التصغير يجيء على وجوه، منها تقليل ما يجوز أن يتوهم كثيرا، أو تحقير ما يجوز أن يتوهّم عظيما، أو تقريب ما يجوز أن يتوهم بعيدا، فأما التقليل فقولك:
(عندي دراهم)، فيجوز أن تكون كثيرة، وإن صغرت قلت:(عندي دريهمات) فيعلم أنها قليلة، وأما ما يجوز أن يتوهم أنه عظيم فقولك: ب (كليب) و (رجيل) في كلب ورجل لئلا يتوهم أنه كبير عظيم.
وأما التقريب فقولك:(جئتك قبل شهر رمضان)، فيجوز أن يتوهم أن مجيئك قبل شهر رمضان بشهر، أو شهرين أو أكثر، فإذا قلت:(جئتك قبيل شهر رمضان) علم أنه قبله بقليل، وكذلك بعد يجوز أن يكون بعد الشيء بكثير، ويجوز أن يكون بقليل، فإذا قلت:(بعيد) شهر رمضان علم أنه بعده بقليل.
واعلم أن التصغير ما يزاد فيه يدل على صفته في القلة والصغر والقرب والتحقير، فتغني علامة التصغير عن الصفة، وذلك كقولك: مررت بكلب فيمكن أن يكون كبيرا أو صغيرا فإذا أردت البيان، قلت: مررت ب (كلب) كبيرا
وب (كلب) صغير، فإذا قلت:
مررت (بكليب)، أغنى التصغير عن قولك: كلب صغير، وقال بعض النحويين: قد يكون التصغير لتعظيم الأمر.
وأنشدوا:
وكلّ أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفرّ منها الأنامل (١)
فقالوا: دويهية يريدون بها تعظيم الداهية، وأنشدوا أيضا:
فويق جبيل سامق الرّأس ... لم تكن لتبلغه حتّى تكلّ وتعملا (٢)
فقالوا: قد صغر جبيلا ثم قال: سامق الرأس وهو العالي فدل على أنه للتعظيم.
وقالوا: قد يقول الرجل للرجل: أيا (أخيّ) إذا أرادوا المبالغة ويا (صديّقي) كذلك،
(١) البيت في ابن يعيش: ٥/ ١١٤، وخزانة الأدب للبغدادي: ٢/ ٥٦١، وابن الشجري: ١/ ٢٥ - ٢/ ٤٩ - ١٣١، والدرر اللوامع: ٢/ ٢٢٨. (٢) البيت في ابن يعيش: ٥/ ١١٤، أمالي الشجري: ١/ ٢٥.