فأنّث " تواضعت " والفعل للسّور؛ لأنه لو قال: تواضعت المدينة لصح في المعنى الذي أراده بذكر السور.
وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى يقول: إن السّور جمع سورة، وهي كل ما علا، وبها سمّي سور المدينة سورا، فزعم أنّ تأنيث " تواضعت "؛ لأن السور مؤنث؛ إذ كان جمعا ليس بينه وبين واحدة إلا طرح الهاء، كنحلة ونحل، وإذا كان الجمع كذلك جاز تأنيثه وتذكيره. وقال الله تعالى: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢) فذكّر. وقال الله تعالى:
فأما قوله:" والجبال الخشّع " فمن الناس من يرفع الجبال بالابتداء، ويجعل الخشع الخبر، كأنه قال: والجبال خشّع. ولم يرفعها بتواضعت؛ لأنه إذا رفعها بتواضعت ذهب معنى المدح؛ لأن الخشّع هي المتضائلة، فإذا قال: تواضعت الجبال المتضائلة لموته لم يكن ذلك طريق المدح، وإنما حكمه أن تقول: تواضعت الجبال الشّوامخ.
وقال بعضهم: الجبال مرتفعة بتواضعت والخشّع نعت لها، ولم يرد أنها كانت خشّعا
(١) البيت في ديوانه ص ٣٤٥، وسيبويه ١/ ٢٥، والخزانة ٢/ ١٦٦، واللسان (سور). (٢) سورة القمر، آية: ٢٠. (٣) سورة ق، آية: ١٠.