ألا أبلغ بني عمرو بن كعب ... بأنّي في مودتكم نفيس (١)
أفي حق مواساتي أخاكم ... بمالي ثم يظلمني السريس
وتبين أن " أن " في موضع رفع بقوله:
أحقّا بنى أبناء سلمى بن جندل ... تهدّدكم إيّاي وسط المجالس (٢)
فرفع (تهددكم) وهو في موضع " أن " حين قال:
أحقا أنّ أخطلكم هجاني (٣)
وفي رفعه وجهان:
أحدهما: وهو الذي أختاره أنه رفع ما قبله من الظرف خبره ومنزلته كمنزلة " خلف زيد "" وفي الدار عمرو " ولو أدخلنا عليه " أن " وأخواتها وقدمنا الظرف وجعلنا " أنّ " مقدرا لنصبنا وذلك قولك: (في أكثر ظني رحيلك) كما تقول (يوم الجمعة أنك راحل) و (يوم الجمعة رحيلك) و " إنّ يوم الجمعة رحيلك " فتبين بنصبه بعد " أن " رفعه قبلها بالابتداء. وذهب أبو العباس المبرد إلى أن الخليل: رفع " أن " بالظرف في هذا الموضع يعني: " أفي حق أنك ذاهب " وفي أكثر ظني أنك ذاهب. للضرورة كما يرفع بالظرف المضمر في قولك:" زيد في الدار وعمرو عندك ".
قال أبو سعيد: أما رفع المضمر بالظرف فصحيح وأما رفع الظاهر فليس مذهب سيبويه والخليل. وأظن أن الذي دعا أبا العباس إلى حكاية هذا عن الخليل أنه: لما ذكر:
" أفي حق أنك ذاهب ". " وفي أكثر ظني أنك ذاهب " قال عقيبه: وصارت " أن " مبنية عليه كما تبنى الرحيل ...
وقد استعمل سيبويه لفظ البناء على الشيء الذي ليس بعامل فيما بني عليه كما قال:" أنّ " مبنية على " لولا ". وإنما ذلك على جهة تقدمها وحاجتها إلى ما بعدها.
(١) ديوان أبو زبيد الطائي: ١٠٠. (٢) البيت للأسود بن يعفر سبق تخريجه. (٣) البيت للنابغة الجعدي سبق تخريجه.