جعلوا الضرب تحيتهم كما جعلوا اتباع الظن علمهم. وإن شئت كان على ما فسرت لك في الحمار إذا لم تجعله
أنيس ذلك المكان.
وقال الحارث بن عباد:
والحرب لا يبقى لجا ... حمها التخيل والمراع
إلا الفتى الصبار في الن ... نجدات والفرس الوقاح (٢)
وقال:
لم يغذها الرسل ولا أيسارها ... إلا طري اللحم واستجزارها (٣)
وقال:
عشية لا تغني الرماح مكانها ... ولا النبل إلا المشرف المصمّم (٤)
وهذا يقوي: ما أتاني زيد إلا عمرو. وما أعانه إخوانكم إلا إخوانه؛ لأنها معارف ليست الأسماء الآخرة بها ولا منها ".
قال أبو سعيد: أصل الاستثناء: إخراج بعض ما يوجبه لفظ من عموم ظاهر أو عموم حكم أو معنى يدل عليه اللفظ؛ فأما عموم اللفظ قولك: قام القوم إلا زيدا.
وأما عموم الحكم فقولك: والله لا أكلمك إلا يوم الجمعة. لأن قولك: " لا أكلمك " حكم اللفظ ألا يكلمه أبدا. ويوم الجمعة " داخل في جملة الأوقات التي لا يكلمه فيها في الحكم. وخرج يوم الجمعة من ذلك الحكم بالاستثناء.
وأما ما خرج عن عموم معنى دل عليه الحكم فقولك:" ما قام إلا زيد " قد علم بما دل عليه الكلام أن المنفي معموم في المعنى. وأن " زيدا " مستثنى من جملة ما عم بالنفي في المعنى.
(١) البيت لعمرو بن معديكرب في الخزانة ٤/ ٥٣، ومعجم الشعراء ٢٠٨، والمقتضب ٢/ ١٨. (٢) البيتان في الخزانة ١/ ٢٢٣، وشرح الرضي للكافية ١/ ٢٢٩. (٣) البيت لم يستدل على قائله. (٤) البيت لضرار بن مالك الأزور في الخزانة ٢/ ٥، والعيني ٣/ ١٠٩، والكشاف ٢/ ١٤٩.