٢ - عن أبي جحيفة (١) قال: ((آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان (٢) وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرآى أم الدرداء (٣) متبذلة (٤)، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء لَيْسَ لَهُ حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع لَهُ طعاماً، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فإني صائم، قَالَ: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل، قَالَ: فأكل، فَلَمَّا كَانَ الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذهب يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخر الليل، قَالَ سلمان: قم الآن، فصليا، فَقَالَ لَهُ سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فاعطِ كُلّ ذي حق حقه، فأتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر لَهُ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق سلمان)). أخرجه البُخَارِيّ (٥)، والترمذي (٦)، وابن خزيمة (٧)، والبيهقي (٨).
فهذه أحاديث صحيحة أجازت لصائم النفل الإفطار، ولم تأمره بقضاء.
٣ - حديث أم هانئ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر)). أخرجه الإمام أحمد (٩)، والترمذي (١٠)، والنسائي (١١)، والدارقطني (١٢)، والبيهقي (١٣). قال الترمذي:((في إسناده مقال)) (١٤).
القول الثالث:
التفصيل وهو مذهب المالكية، قالوا: إن أفطر بعذر جاز، وإن أفطر بغير عذر
(١) الصَّحَابِيّ وهب بن عَبْد الله بن مُسْلِم أبو جحيفة السوائي، توفي سنة (٦٤ هـ). أسد الغابة ٥/ ١٥٧، وتجريد أسماء الصَّحَابَة ٢/ ١٥٤، والإصابة ٣/ ٦٤٢. (٢) الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أبو عَبْد الله سلمان الخير الفارسي، توفي سنة (٣٥ هـ). معجم الصَّحَابَة ٥/ ٢٠٩٨، وتجريد أسماء الصَّحَابَة ١/ ٢٣٠ (٢٤٠٠)، والإصابة ٢/ ٦٢. (٣) هِيَ هجيمة أو جهيمة، أم الدرداء الأوصابية الدمشقية، وَهِيَ الصغرى: ثقة فقيهة، توفيت سنة (٨١ هـ). تهذيب الكمال ٨/ ٥٩٣ و ٥٩٤ (٨٥٦٩)، وسير أعلام النبلاء ٤/ ٢٧٧، والتقريب (٨٧٢٨). (٤) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيأة الحسنة الجميلة. انظر: النهاية ١/ ١١١، ولسان العرب ١١/ ٥٠ (بذل). (٥) صحيح البخاري ٣/ ٤٩ (١٩٦٨) و ٨/ ٤٠ (٦١٣٩). (٦) جامع الترمذي (٢٤١٣). (٧) صحيح ابن خزيمة (٢١٤٤). (٨) في السنن الكبرى ٤/ ٢٧٥ - ٢٧٦. (٩) في مسنده ٦/ ٣٤١ و ٣٤٣. (١٠) جامع الترمذي (٧٣٢). (١١) السنن الكبرى (٣٣٠٢) و (٣٣٠٣). (١٢) سنن الدارقطني ٢/ ١٧٥. (١٣) السنن الكبرى ٤/ ٢٧٦. (١٤) جامع الترمذي عقيب (٧٣٢).