فبلغ ذلك رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعاه، وقال:"أنتَ القائلُ: أصبحَ نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟ "، فقال أَبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-: بأبي أنتَ وأمي! واللَّهِ ما كنتَ شاعرًا، ولا ينبغي لك، وما أنت براوية، قال:"فكيف؟ "، فأنشده أَبو بكر، فقال النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقْطَعُوا عَنِّي لسانَهُ"، ففزع منها عبّاس، وقالوا: أمر بالعباس بن مرداس أن يمثل به، وإنّما أراد -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقطعوه بالعطية (١).
قال في "الهدي": فأكملوا له المئة (٢).
وأعطى -صلى اللَّه عليه وسلم- عِكْرِمَةَ بنَ أبي جهلٍ، وصَفْوانَ بنَ أُميةَ، والنُّضَيْرَ -بالضّاد المعجمة والتصغير- بنَ الحارث مئة مئة.
وفي "الصّحيح" عن صفوان -رضي اللَّه عنه-، قال: ما زال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطيني من غنائم حنين وهو أبغضُ الخلق إليَّ حتى ما خلقَ اللَّه تعالى شيئًا أحبَّ إليَّ منه (٣).
وفي "صحيح مسلم": أنّه أعطاه مئة من النعم، ثمَّ مئة، ثمَّ مئة (٤).
وأعطى -صلى اللَّه عليه وسلم- جماعةً غيرَ مَنْ ذكرنا، وتركَ خيار النّاس من المسلمين، لم يعطهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَلَهم إلى حُسْن إسلامهم، (ولم يعط الأنصار) أوسيَّهم وخزرجيَّهم يومئذ من ذلك النفل (شيئًا)، لا كثيرًا، ولا قليلًا، (فكأنّهم)؛
(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ٢٧٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٦/ ٤١٤). (٢) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٣/ ٤٧٣). (٣) رواه مسلم (٢٣١٣)، كتاب: الفضائل، باب: ما سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا قط فقال لا، وكثرة عطائه. (٤) انظر: تخريج الحديث المتقدم.