أنّها كانت عنده للتجارة، فأخبرهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لا زكاة عليه فيها، وأنّه قد جعلها حبسًا في سبيل اللَّه.
والثّاني: أنّه اعتذار لخالد، ودفعٌ عنه، يقول: إذا كان خالدٌ قد جعل أدراعه وأعتُده في سبيل اللَّه تبرعًا وتقربًا إلى اللَّه، وهو غير واجب عليه، فكيف يستجيز منعَ الصدقةِ الواجبةِ عليه (١)؟!
(وأمّا العبّاسُ) زاد البخاري: بنُ عبدِ المطلب عمُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصرَّحَ بوصفه بأنّه عمُّه، تنبيه على تفخيمه واستحقاق إكرامه، ودخول اللام على عبّاس مع كونه علمًا؛ للَمْحِ الصفة (٢)، (فهي)؛ أي: الصدقة المطلوبة منه (عليَّ ومثلُها) معها.
في معنى ذلك وجهان:
أحدهما: أن تكون هذه اللفظة صيغة إنشاء لالتزام ما لزم العبّاس، ويؤيد ذلك قوله:(ثمَّ قال)؛ يعني:(النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا عمرُ! أما شعرتَ)؛ أي: علمتَ وفطنتَ (أنَّ عمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبيه)، وفي رواية:"العبّاسُ صِنْوُ أبي"(٣)، والصنوُ -بالفتح، ويضم-: المِثْل، وأصلُه أن يطلع نخلتان من عِرْقٍ واحدٍ، يريد -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنّ أصلَ العبّاس وأصلي واحدٌ، وهو مثلُ أبي، أو مثلي، وجمعُه صِنْوانٌ (٤)؛ فإنّ هذه اللفظة تُشعر بما ذكر؛ فإنّ كونَه صنوَ أبيه يناسب تحمُّلَ ما عليه.
الثّاني: أن يكون إخبارًا عن أمر وقع ومضى، وهو تسلُّفُ صدقةِ عامين
(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ١٧٧). (٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٥٩). (٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ٢٧)، عن أبي مجلز. (٤) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٥٧).