وظاهره: أنهم لم يأخذوا ثمنه. وذكر محمد بن سعد في "التاريخ الكبير"، عن الواقدي، عن معمر، عن الزُّهري: أنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراه من بني عفراء بعشرة دنانير ذهبًا دفعها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهذا من مراسيل الزُّهري، ومراسيله إذا صحَّت عنه: فهي من أضعف المراسيل، فكيف إذا انفرد بها الواقدي! !
فإن صحّ هذا؛ فهو دليل: على أن الغلامين كانا قد بلغا الحُلُم.
وروي عن الحسن أنهما وهباه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقبله.
ونقل ابن عقبة: أن أسعد عوَّضهما عن مربدهما نخلًا له في بني بياضة.
وذكر بعضهم: أن أسعد مات قبل أن يُبنَى المسجد، فابتاعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من وليهما.
وعن أبي معشر: اشتراه أبو أيوب منهما، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبناه مسجدًا، فكان فيه خِرَبٌ ونخلٌ وقبور المشركين، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقبور فنُبِشت، وبالخِرَب فسُوِّيَتْ، وبالنخل فقُطِع، فصفوا النخل قِبْلة له، وجعلوا عضادتيه (١) حجارة.
وعمل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه الشريفة ترغيبًا لهم (٢)، (٥٧/ ب) حتى نقل بعضهم عن زيد قال "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه حجر، فلقيه أُسيْد بن حضير، فقال: يا رسول الله أعطنيه، فقال اذهب فاحْتَمِل غيره فلسْتَ بأفقر إلى الله تعالى مني".
(١) عضادت الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشماله. (اللسان مادة "عضد"). (٢) "البخاري" (٤٢٨)، و"مسلم" (٥٢٤).