قالَ ابنُ أَبي زيدٍ: والصَّحَابةُ إذا اخْتَلَفُوا في حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ وَسِعَ الإخْتِلاَفُ مِنْ أَقَاوِيلِهم، والأَخْذُ بِمَّا يَقْوَى في الأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ، وقدْ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ أَوْلاَدِ المُرْتَدّينَ، فلَا يُزِيلُها رِدَّةُ آبَائِهِم، والدَّلِيلُ على ذَلِكَ قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ)(٣)، يعنِي: يُولَدَ على فِطْرَةِ الإسْلاَمِ، وأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ أَنَّ لِوَلَدِ المُؤْمِنِ حُكْمُ أَبيهِ في الدِّينِ وَالمَوَارَثَةِ، وأنَّ لِوَلدِ الكَافِرِ حُكْمُ أَبيهِ في الدِّينِ والمَوَارَثَةِ والإسْتِرْقَاقِ، ولَم يَخْتَلِف العُلَمَاءُ فِيمنْ أَسْلَمَ مِنَ الكُفَّارِ أنَ لِوَلَدِه الصَّغَارِ حُكْمُ أَبِيهِم في الدّينِ والأَحْكَامِ، فَلِهَذا كُلُّه لا يُسْتَرَقُّ وَلَدُ المُرْتَدِّ، واللهُ المُوَفِّقُ للصَّوَابِ.
(١) العقال: هو الحبل الذي كان يعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة إذا قبضها المصدق، وذلك أنه كان على صاحب الإبل أن يؤدي مع كل فريضة عقالا تعقل به، ينظر: النهاية ٣/ ٣٨٠، وعمدة القاري ٨/ ٢٤٦. (٢) رواه البخاري (١٣٣٥)، ومسلم (٢٠)، من حديث أبي هريرة. (٣) رواه البخاري (١٣١٩)، ومسلم (٢٦٥٨)، من حديث أبي هريرة.