الوُسْطَى صَلاَةِ العَصْرِ، مَلأَ اللهُ قُبُورَهُم وبُيُوتَهُم نَارًا" (١) سألتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ هذا الحَدِيثِ، فقالَ لي: هذا الحَدِيثُ لم يُدْخِلْهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الصَّلَاةِ، والصَّحِيحُ عَنْ عليِّ بنِ أبي طَالِبٍ مَا في المُوطَّأ: (أنَّ الصَّلاةَ الوُسْطَى صَلاَةُ الصُّبْحِ).
صِفَةُ الاشْتِمَالُ المَذْكُورِ في حَدِيثِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ صلَّى مُشتَمِلًا، وَهُو أنْ يَلِفَّ الرَّجُلُ بِرِدَائِه مِنْ رَأْسِهِ إلى قَدَمَيْهِ ثُمَّ يُخَالِفُ بطَرَفِي الرِّدَاءِ على مَنْكِبَيْهِ يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِه، واشْتِمَالُ الصَّمَاءِ الذي نُهِيَ عنهُ هو أَنْ يَلْتَحِفَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ يَرُدُ طَرَفَ الثَّوْبِ الأَيْمَنِ على مَنْكبهِ الأَيْسَرِ، فَرُبَّما أنْ كُشِفَتْ عَوْرَةُ مَنِ اشْتَمَلَ هَكَذا على غَيْرِ ثَوْبٍ، وسَتْرُ العَوْرَةِ فَرْضٌ في الصَّلَاةِ وغَيْرِهَا، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعراف: ٢٦] وقالَ تَبَاركَ وتَعَالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] فالزِّينةُ: الأَرْدِيةُ والثِّيَابُ، والمَسَاجِدُ: الصَّلَواتُ، وقد رأَى ابنُ عُمَرَ نَافِعَاً يُصَلِّي في مِئْزَرٍ، فقالَ لَهُ: (خُذْ عَلَيْكَ ردَائَكَ، فإنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- حَقٌّ تُجَمَّلَ لَهُ) (٢).
* قالَ أبو عُمَرَ: صَلاَةُ الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ رُخْصَةً، وذَلِكَ جَائِزٌ لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ, فقالَ: "أَوَلِكُلِّكُم ثَوْبَانِ؟ ", وكَذَلِكَ صَلاَةُ المَرْأةِ في ثَوْبَيْنِ رُخْصَةٌ، ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَسَدَها وُيغَطِّي قَدَمَيْهَا، وخِمَارٌ تَسْتُرُ به شَعْرُهَا وصَدْرُهَا.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ المَرْأةِ لِعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ: (إنَّ المِنْطَقَ يَشُقُّ عَلَيَّ) تعني: أنَّ المِئْزَرَ يَشُقُّ عليَّ وُجُودُه (أَفَأُصَلِّي في دِرْعٍ وخِمَارٍ؟)، فَرَخصَ لهَا في ذَلِكَ.
(١) رواه البخاري في ثلاث مواضع من صحيحه (٢٧٧٣) و (٣٨٨٥) و (٦٠٣٣)، بإسناده إلى هشام بن حسان به.(٢) بحثث عن هذا الأثر ولم أقف عليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute