(كنتُ لكِ كأبي زرعٍ لأُمِّ زرعٍ (١)): تقدم أن "كان" لا يدل على الانقطاع، ولا على الدوام، فليس في هذا الكلام ما يقتضي انقطاعَ هذه الصفة، فلا حاجةَ إلى دعوى زيادة "كان"، وأن المعنى: أنا لك.
قال -عليه الصلاة والسلام- ذلك؛ تطييبًا لقلب عائشة، ومبالغةً في حسن معاشرتها.
وورد في (٢) حديث: "غَيْرَ أَنِّي لا أُطَلِّقُكِ"(٣) فاستثنى الحالةَ المكروهة، وهي ما وقعَ من تطليق أبي زرع.
قال القاضي: وقد وردَ في رواية أبي معاوية الضرير ما يدل على أن الطلاق [لم يكن] من قبل أبي زرع واختياره، فإنه قال:"لم تَزَلْ بِهِ أُمُّ زَرْعٍ حَتَّى طَلَّقَهَا".
وفي رواية:"قالت عائشة: بأبي أنتَ وأمي، بل أنتَ [خيرٌ لي من أَبي زرع"(٤)، وهو جواب مثلها في فضلها وعلمها؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرها] (٥) بكمال منزلتها عنده، أخبرته هي بأنه عندها أفضلُ وأحبُّ (٦).
(١) "لأم زرع" ليست في "ع" و"ج". (٢) في "ج": "وورودك". (٣) رواه بهذه الزيادة: الزبير بن بكار، والخطيب، كما قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (١/ ٣٩٢). قلت: رواه الخطيب في "الفصل للوصل المدرج" (١/ ٢٤٧). (٤) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٩١٣٩). (٥) ما بين معكوفتين ليس في "ج". (٦) وانظر: "التنقيح" (٣/ ١٠٥٦)، و"التوضيح" (٢٤/ ٦٠٣).