وهذه المسألة فرع أتى على أن الاستنجاء غير واجب، وقد دللنا عليه، وإذا سقط وجوبه سقط اعتبار صفته ومقداره؛ لأن أحدا لا يفرق بينهما (١).
وكان الشيخ أبو بكر ﵀ يقول: إنه لا يعرف عن مالك ﵀ نصا هل يجوز أن يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار إذا أنقى؟
قال: والذي أدركت عليه شيوخنا أنه يجوز الاقتصار عن ثلاثة إذا أنقى، إلا أبا الفرج المالكي فإنه قال في كتابه الحاوي: لا يقتصر على ثلاثة أحجار.
والذي أقول أنا: وهذا يتخرج على قول أبي الفرج: إن الاستنجاء وإزالة الأنجاس فرض.
وأنا أدل على أن العدد غير واجب فيه؛ لأن أحدا لا يفصل بين الأمرين، فيسقط وجوب الأصل بسقوط وجوب صفته.
والدليل على أن العدد غير معتبر: أن رسول الله ﷺ في ليلة الجن طلب للاستنجاء أحجارا من ابن مسعود، فأتاه بحجرين وروثة، فألقى الروثة وقال:"إنها ركس"(٢).
وذكر في بعض الأخبار: أنه أتاه بالثالث (٣).
=العدد فيها. وأما من رجح الظاهر على المفهوم؛ فإنه عدى ذلك إلى سائر النجاسات. بداية المجتهد (٢/ ٩١ - ٩٢). (١) قارن بما سيذكره المصنف في (٢/ ٢٩٢) في مسألة الاستنجاء بالعظم والروث. (٢) أخرجه البخاري (١٥٦) دون ذكر أن ذلك كان في ليلة الجن. (٣) أخرجه أحمد (١/ ٤٥٠) والدارقطني (١/ ٥٥) وغيرهما، وقال الحافظ: "ورجاله ثقات أثبات، وقد تابع عليه معمر أبو شيبة الواسطي، وهو ضعيف، أخرجه الدارقطني، وتابعهما =