على أن العفو في اللغة قد يكون للذنب، ويكون للتسهيل والتوسعة، كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا﴾ (١) أي كثروا.
وقال: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ (٢). أي ما سهل من الأمور.
وقال:"عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق"(٣).
أي تركت وسهلت، وليس هذا من ذنب، فكذلك قوله:"وآخره عفو الله" أي سعة الله.
ويدل على صحة قولنا أيضًا بأن النبي ﵇ قال:"وصلى بي جبريل الظهر حين زالت الشمس على قدر الشراك"(٤).
فذكر الزيادة على الزوال، ونبه به على ما زاد على ذلك إلى أن صار مثل الشراك، وقال:"الوقت ما بين هذين"(٥).
وهذا إشارة إلى المعهود الذي بينه، وأن ذلك الاختيار، فاستحببنا أن يؤخر حتى يكون الفيء ذراعًا لوجهين:
أحدهما: أنه مذهب عمر ﵁(٦)، ورضي به خلفاؤه بحضرة الصحابة ﵃.
(١) سورة الأعراف، الآية (٩٥). (٢) سورة الأعراف، الآية (١٩٩). (٣) أخرجه ابن ماجه (١٨١٣) بلفظ: "تجوزت لكم عن صدقة الخيل والرقيق". وأخرجه البخاري (١٤٦٤) ومسلم (٩٨٢) بلفظ: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". (٤) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦). (٥) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦). (٦) أخرجه مالك في الموطأ كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة (٦)، وعورض بخبر آخر =