ط: "لَمْ يَقُلْ سِيبويهِ هَذَا، إِنَّمَا قَالَ: "فَالهَمْزَةُ إِذَا لَحَقتْ أَوَّلًا رَابِعَةٌ فَصَاعِدًا فَهِيَ زَائِدَةٌ أَبَدًا عِنْدَهُمْ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ سَمَّيْتَ بِـ "أَفْكَل" و "أَيْدَعٍ" لَمْ تَصْرِفُهُ، وَأَنْتَ لَا تَشْتَقُّ مِنْهُمَا مَا تَذْهَبُ فِيهِ الأَلِفَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سُطُورٍ كَثِيرَةٍ: وَأَمَّا "أَوْلَقٌ" فَالأَلِفُ مِنْ نَفْسِ الحَرْفِ" (١).
وَكَلَامُ ابْنِ قُتيبة يُوهِمُ أَنَّ كُلَّ هَمْزَةٍ وَقَعَتْ أَوَّلًا حُكِمَ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ أُصُولِ. وَإِذَا كَانَتْ بَعْدَهَا أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ أَصُولٍ أَوْ خَمْسَةٌ، حُكِمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَصْلٌ، نَحْوُ: "إِصْطَبَلٌ". وَكَلَامُ سِيبَوَيهِ يُوهِمُ نَحْوَ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ابن قُتيبةَ، لأَنَّهُ قَالَ: "إِذَا لَحِقَتْ أَوَّلًا رَابِعَةً فَصَاعِدًا" (٢).
وَقَدْ فَسَّرَ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ فَقَالَ: "يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: "فَصَاعِدًا" مَعَ الزَّوَائِدِ مِثْلَ: "أَرْوَنَانٍ" وَ "إِصْلِيتٍ" وَمَا أَشْبَهَهُمَا. وَمُحَالٌ أَنْ تَلْحَقَ رُبَاعِيًا أَوْ خُمَاسِيًا، لأنَّ الزَّوَائِدَ لَا تَلْحَقُ ذَوَاتِ الأَرْبَعَةِ وَالخَمْسَةِ فِي أَوَائِلِهَا" (٣).
وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ: "أَوَّلا رَابِعَةَ" أَيْضًا طَرِيفٌ، لأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فِي عَدَدِ الحُرُوفِ إِذَا عُدَّتْ مِنْ آخِرِهَا إِلَى أَوَّلِهَا.
وَأَمَّا "أَوْلَقٌ" فَأَجَازَ الفَارِسِيُّ أَنْ تَكُونَ الهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةٌ حَمْلًا عَلَى الأكثَرِ، وَيَكُونُ مُشْتَقًا مِنْ قَوْلِهِمْ: وَلَقَ يَلِقُ: إِذَا أَسْرَعَ. قَالَ الرَّاجِزُ:
جَاءَتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّامِ تَلِقْ (٤)
وَيَكُونُ قَوْلُهُمُ: أُلِقَ الرَّجُلُ عَلَى هَذَا. أَصْلُهُ: وُلِقَ. فَأُبْدِلَتِ الوَاوُ هَمْزَةً
(١) الكتاب: ٤/ ٣٠٩.(٢) أدب الكتّاب: ٦١٠.(٣) المسائل الحلبيات: ٣٦٤.(٤) ينسب للقلاخ بن حن المنقري أو الشماخ وهو في ديوانه: ٤٥٢ - ٤٥٣ في الجزء المنسوب له، وهو بدون عزو في: الخصائص: ١/ ٩ و ٣/ ٢٩١؛ المحتسب: ١٠٤؛ الأزمنة والأمكنة: ٢/ ٢٦٥؛ المخصص: ٣/ ٥٤؛ التكملة للفارسي: ٢٣٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute