والقرطبي قد رجَّح أن الذي يوزن هي الأعمال، ونفى وزن الأشخاص، وذلك عند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة، اقرؤوا:{فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}(٢) "(٣).
حيث قال:"أي: لا قيمة له ولا قدر إذ لا عمل له يوزن فإن الأعمال هي التي توزن أي: صحتها لا أشخاص العاملين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "أتعجبون من حموشة ساقيه؟ لهيَ أثقل في الميزان من أُحد" (٤) أو كما قال. أي: الأعمال التي عمل بها أثقل في الميزان، لا أن ساقيه توضعان في الميزان، ولا شخصه، كما قد ذهب إليه بعض المتكلمين على هذه الآية، فقال: إن الأشخاص توزن"(٥).
وما نسبه القرطبي إلى المتكلمين قد قال به بعض أهل السنة، فالمسألة خلافية بينهم.
(١) انظر: تفسير الطبري (٩/ ٣٣)، والتذكرة للقرطبي ص (٣٦٠)، ومعارج القبول للحكمي (٢/ ٨٤٤). (٢) سورة الكهف، الآية: ١٠٥. (٣) رواه البخاري في كتاب التفسير، باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} ح ٤٧٢٩ (٨/ ٢٧٩)، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار ح ٢٧٨٥ (١٧/ ١٣٥). (٤) رواه أحمد في المسند (١/ ١١٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الفضائل، باب ما ذكر في عبد الله بن مسعود (٦/ ٣٨٤)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني من طرق، وأمثل طرقها فيه عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح (٩/ ٢٨٩). (٥) المفهم (٧/ ٣٥٩).