من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام- حفظ الله تعالى له من أعدائه، الذين كانوا يتربصون به، ويسعون للتخلص منه، ولكن الله تعالى تكفل بحفظه فلم يستطيعوا أن يصلوا إليه مع محاولاتهم المتكررة قال تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(٢).
وقد جاء في حديث جابر -رضي الله عنه- قوله: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة قِبَل نجدٍ فأدْرَكَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في وادٍ كثير العِضَاةِ فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي، يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن رجلًا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظتُ وهو قائمُ على رأسي، فلم أشعر إلَّا والسيف صلتٌ في يده" فقال لي: من يمنعك مني؟ قال:"قلت الله! " ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال:"قلت الله! " قال: "فشام السيف فها هو ذا جالس" ثم لم يعرض له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (٣).
قال القرطبي عند شرحه لهذا الحديث: "لم يبال النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله، ولا عرج عليه، ثقة منه بوعد الله، وتوكلًا عليه، وعلمًا منه بأنه ليس في الوجود فعل إلَّا لله تعالى، فإنه أعلم الناس بالله تعالى، وأشدهم له خشية، فأجابه بقوله:"الله" ثانية وثالثة، فلما سمع الرجل ذلك وشاهد تلك القوة
(١) المفهم (٦/ ١٣٥). (٢) سورة المائدة، الآية: ٦٧. (٣) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة ح ٢٩١٠ (٦/ ١١٣)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف ح ٨٤٣ (٦/ ٣٧٧).