للحديث الصحيح الذي أجمع السلف على أن فيه إثباتًا لصفة "الساق" لله تعالى.
قال القرطبي:"فيكشف عن ساق، أي: يوضح الحق، ويتجلى لهم الأمر، فيرونه حقيقة معاينة، وكشف الساق: مثل تستعمله العرب في الأمر إذا حق ووضح، واستقر، تقول العرب: كشفت الحرب عن ساقها، إذا زالت مخارقها وحقت حقائقها وقال:
وكُنتُ إذا جاري دعا لمَضُوفَةٍ (١) ... أُشمِّر حتى ينصُفَ الساقَ مِئزَري (٢)(٣)
وأما العلماء الذين عدوا الآية من آيات الصفات فبين ابن القيم وجهتهم بقوله: "والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل وفيه:"فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجَّدًا" ومن حمل الآية على ذلك قال: قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} مطابق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدًا" وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة جلَّت عظمتها، وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل، أو شبيه قالوا: وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)} (٤) وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ}(٥) فالعذاب والشدة هو المكشوف، لا المكشوف عنه، وأيضًا فهناك تحدث الشدة وتشتد ولا تزال إلَّا بدخول الجنة، وهناك
(١) أي: أمر شديد ضافه ونزل به وشق عليه. (٢) البيت لأبي جندب الهذلي من شعراء الجاهلية. انظر: ديوان الهذليين (١/ ٣٥٨). (٣) المفهم (١/ ٤١٧). (٤) سورة الزخرف، آية: ٥٠. (٥) سورة المؤمنون، آية: ٧٥.