ولا شك أن ما ذهب إليه المعتزلة ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة، ولا عمل سلف الأمة، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} (١)، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} (٢).
قال الخطابي -رحمه الله-: "ومن علم هذا الباب أعني: الأسماء والصفات، ومما يدخل في أحكامه، ويتعلق به من شرائط، أنه لا يتجاوز فيها التوقيف"(٣).
وذلك لأنها من أمور الغيب التي يجب الوقوف فيها على ما جاء في
= أن يسمى الله تعالى عاقلًا؟ قال الجبائي: لا لأنَّ العقل مشتق من العقال، وهو المانع والمنع في حق الله محال، فامتنع الإطلاق، فقال أبو الحسن الأشعري: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيمًا لأنَّ هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت -رضي الله عنه-: فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضرب حين تختلط الدماء وقول الآخر: أبني حنيفة حكِّموا سفاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا أي: نمنع بالقوافي من هجانا وامنعوا سفاءكم. فإذا كان اللفظ مشتقًّا من المنع، والمنع على الله محال لزمك أن تمنع إطلاق (حكيم) على الله سبحانه. فقال الجبائي: فلم منعت أنت أن يسمى الله عاقلًا وأجزت أن يسمى حكيمًا؟ قال الأشعري: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي فأطلقت حكيمًا لأنَّ الشرع أطلقه ومنعت عاقلًا لأنَّ الشرع منعه ولو أطلقه الشرع لأطلقته. طبقات الشافعية للسبكي (٣/ ٣٥٧). (١) سورة الإسراء، الآية: ٣٦. (٢) سورة الأعراف، الآية: ٣٣. (٣) شأن الدعاء للخطابي ص (١١١).