وأما المازري فله كلام في دليل الفطرة يفهم منه ميله إلى إثبات أن الفطرة هي دين الإسلام كما سيأتي مفصلًا.
أ- دليل الفطرة:
ذكر القرطبي تعريف الفطرة لغة وشرعًا. فقال في تعريفها اللغوي:"أصل الفطرة ابتداء الخلقة، ومنه فطر ناب البعير إذا ابتدأ خروجه. ومنه قول الأعرابي المتحاكم إلى ابن عباس في البئر "أنا فطرتها" أي ابتدأت حفرها"(١).
وقال في تعريفها شرعًا:"أي جبلة الله التي جبلهم عليها من التهيؤ لمعرفته والإقرار به"(٢).
ودليل الفطرة من كتاب الله تعالى قوله جل وعلا: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} (٣).
ومن السنة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مولُود إلَّا يُولَدُ على الفطرة، فأبَواهُ يُهَوِّدَانِه، ويُنصِّرَانه ويُمَجسانه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحشُون فيها من جدعاء"(٤).
وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: "إنِّي خلقتُ عبادي حُنَفاء كُلَّهُم وإنَّهُم أتتهُم الشياطينُ فاجْتَالَتْهُم عن دينهِم
(١) المفهم (١/ ٣٨٨). (٢) المفهم (١/ ٣٨٨). (٣) سورة الروم، الآية: ٣٠. (٤) رواه البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة الروم ح (٤٧٧٥) (٨/ ٣٧٢)، ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة ح (٢٦٥٨) (١٦/ ٤٤٦).