إليها؛ كتفسيرِهم الاستواءَ بالاستيلاءِ؛ حيثُ استَدَلَّ القاضي عبدُ الجَبَّارِ بشواهدِ اللغةِ على ما استَقَرَّ عنده قبلَ استدلالِه؛ كما في "مُتشابِه القرآن"(١)، وكذلك تأويلُ اليَدِ بالنِّعْمة (٢)، والكلامُ في قولِهِ تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء: ١٦٤]؛ حيثُ فسَّروه بالكَلْمِ، وهو الجَرْحُ؛ يعني: ابتلاهُ وجَرَحَهُ بالمِحَنِ والشدائدِ (٣).
وقد تعدَّى ذلك الاستدلالُ على الألفاظِ بغيرِ المعروفِ، إلى التوسُّعِ في تقديرِ المحذوفاتِ؛ للوصولِ إلى الغايةِ؛ وهي التأويلُ، حتى عطَّلوا جميعَ الصفاتِ الفعليَّةِ عن حقيقتِها؛ ومِن ذلك قولُهُ تعالى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}[الأعراف: ١٤٣]، جعَلُوا ثَمَّ تقديرًا محذوفًا، وهو تَجَلِّي أمرِهِ وقدرتِهِ (٤)، ونحوُهُ قولُهُ تعالى:{إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ}[البقرة: ٢١٠]، قدَّروا المحذوفَ: إتيانَ أمرِهِ وإرادتِه (٥).
وهذا بابٌ لا حَدَّ له؛ أدخَلُوا منه أكثَرَ تأويلاتِهم؛ حتى قال القاضي عبدُ الجَبَّار:"هكذا طريقتُنا في سائِرِ المتشابِهِ: أنَّه لا بُدَّ مِن أن يكونَ له تأويلٌ صحيحٌ، يُخرَّجُ على مذهَبِ العرَبِ مِن غيرِ تكلُّفٍ ولا تعسُّف"(٦).