والنصارى فيهم؛ لِمَا يجدونَهُ مِن شديدِ الحِقْدِ والغِلِّ عليهم، يكتمونَهُ ويُرَبُّونَ صِغَارَهم عليه، ويُنشِدُونَ الأشعارَ فيه؛ حتى تَمتلِئَ النفوسُ، فيترقَّبُونَ تمكينًا، فإنْ تمكَّنوا، بَغَوْا بغيًا لا يَبْغِيهِ غيرُهم؛ وهذا معروفٌ في كلِّ زَمَن؛ ولهذا لا يمكَّنُون في الدُّوَل والولايات، ومَن مكَّنَهم فلا بد أن يتآمروا عليه إن كانوا قِلَّةً، أو ينقلِبوا عليه إن كانوا كَثْرة.
وقد قال جَبَلةُ بن حَمُّودٍ الصَّدَفيُّ؛ وقد هرَبَ مِن الرافضةِ في الرِّبَاطِ، ونزَلَ القيروانَ، فكُلِّمَ في ذلك؟ فقال:"كنَّا نحرُسُ عَدُوًّا بَيْنَنا وبينَهُ البَحْرُ، والآنَ حَلَّ هذا العَدُوُّ بِسَاحَتِنا؛ وهوأشَدُّ علينا مِن ذلك"(١).
وكان يُنكِرُ على مَن خرَجَ مِن القَيْرَوانِ إلى سُوسَةَ، أو نحوِها مِن الثغورِ، ويقولُ:"جِهَادُ هؤلاءِ أفضَلُ مِن جهادِ أهلِ الشِّرْك"(٢).