وقولُ هذه الطائفةِ مع كونِهِ أخفَّ ضلالًا مِن الطائِفةِ الأُولى، إلا أنه يُناقِضُ نَفْسَه؛ وذلك أنَّ عمَلَ القلبِ محبَّةً وخوفًا ورجاءَ وتوكُّلًا، لا يُمكِنُ وجودُهُ إلا مع قولِ اللسانِ وعمَلِ الجوارح.
وكان الأئمَّةُ المغارِبةُ يُنكِرُونَ إخراجَ العمَلِ مِن الإيمان، وجَعْلَهُ في منزِلةٍ مختلِفةٍ عن الاعتقادِ والقول (٣)، ولمَّا نُسِبَ هذا القولُ إلى يحيى بنِ سَلَّامٍ بلا بيِّنةٍ، أنكَرَ عليه الناسُ حتى بلَغَ ذلك ابنَ وَهْبٍ في المشرِقِ، ووصَفَهُ بالمُرجِئ، ثُمَّ زالت التُّهَمةُ عن يحيى ببيانِه، وأنه على ما كان عليه مَن سلفَ؛ كمالكٍ، وسُفْيانَ، وغيرِهما: أنَّ الإيمانَ قولٌ وعمَل (٤).