وقد جعَلَ اللهُ الحسَنةَ التي يَكسِبُها العبدُ تُكتَبُ له بعَشَرةٍ، والسيِّئةُ لا تُكتَبُ عليه إلا بمِثْلِها؛ كما قال تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الأنعام: ١٦٠]، وقد ثبَتَ الحديثُ في ذلك عن جماعةٍ مِن الصحابةِ؛ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ (١)، وأبي هُرَيْرةَ (٢)، وأنسٍ (٣)، وأبي ذَرٍّ (٤)، وغيرِهم (٥).
ومِن لُطْفِهِ: أنْ فتَحَ بابَ التوبةِ لمن تاب؛ فمَن تابَ وأنابَ، تابَ اللهُ عليه، مهما كان ذنبُهُ ولو كان كُفْرًا؛ فاللهُ لا يَتعاظَمُهُ ذنب؛ فمغفرتُهُ تَعُمُّ جميعَ الذنوبِ صغيرَها وكبيرَها؛ قال تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: ٥٣].
بل إنَّ اللهَ يَفرَحُ بتوبةِ عبدِهِ؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ؛ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِه، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ ... )(٦)، وقال:
(١) البخاري (٦٤٩١)، ومسلم (١٣١). (٢) البخاري (٤٢ و ٧٥٠١)، ومسلم (١٢٨ و ١٢٩ و ١٣٠). (٣) مسلم (١٦٢). (٤) مسلم (٢٦٨٧). (٥) كخُرَيْمِ بنِ فاتِكٍ عند أحمد (٤/ ٣٢١ و ٣٤٥ و ٣٤٦ رقم ١٨٩٠٠ و ١٩٠٣٥ و ١٩٠٣٩)، وابن حبان (٦١٧١). (٦) البخاري (٦٣٠٩)، ومسلم (٢٧٤٧) من حديث أنس، واللفظ للبخاري.