مخلوقٍ؛ لأنَّ الآيةَ جعَلَتْ خَلْقَ اللهِ هو السمواتِ والأرضَ وما بينَهما، ومعلومٌ أنَّه فوق السمواتِ أشياءُ مخلوقةٌ، فإذا جاز أن يكونَ فوق السمواتِ شيءٌ مخلوقٌ، فيجوزُ كذلك أن يكونَ بينهما شيءٌ غيرُ مخلوقٍ.
ثُمَّ إنَّ اللهَ فرَّق بين كلامِه، وهو (أَمْرُهُ)، وبين خَلْقِ السمواتِ والأرضِ وما بينَهُنَّ؛ في قولِهِ تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ}[الطلاق: ١٢]؛ فوصَفَ الأمرَ بالتنزيل، والسمواتِ والأرضَ بالخَلْقِ، وأَمْرُ اللهِ: كلامُهُ وقَوْلُه؛ كما قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢].
- وكذلك: فإنَّ استدلالَهم بمجيءِ البقرةِ وآلِ عِمْرانَ يومَ القيامةِ على كونِهما مخلوقتَيْنِ -كما في الحديثِ (١) - لازِمٌ للقولِ بذلك على اللهِ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفَجْر: ٢٢]، وكلامُهُ منه تعالى.
- وقولُهُ تعالى:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}[الأنبياء: ٢]، يرادُ به: مُحدَثٌ مِن العَرْش؛ لأنَّه آخِرُ ما نزَلَ مِن الكتبِ مِن العَرْش؛ كما قاله إسحاقُ بن راهويه (٢).
والنزولُ قد يتكرَّرُ، فيسمَّى آخِرُها: أَحْدَثَها؛ فاللهُ تعالى يَنزِلُ كُلَّ لَيْلةٍ نزولًا يَلِيقُ به وحدَه، ونزولُهُ الليلةَ أحدَثُ مِن نزولِهِ ليلةَ أَمْسِ.