أحدها: أن الله حيث ذكر الصيد، فإنما يعني به ما يصاد، كقوله:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ٩٥]، وقوله:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا [ق ٢٦٧] لَكُمْ}، وإنما يستمتعون (١) بما يُصاد لا بالاصطياد. وقوله:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} بعد قوله: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}[المائدة: ١].
الثاني: أن التحريم والتحليل في مثل هذا (٢) إنما يضاف إلى الأعيان، وإن (٣) كان المراد أفعال المكلفين، كقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}[المائدة: ٣]، {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}[المائدة: ٥]، {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ... غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ}، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧]، وهذا كثير في القرآن والحديث. ثم قال تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}[المائدة: ٩٦]، فعُلم أن المراد نفس المصيد.
الثالث: أن قوله: {صَيْدُ الْبَحْرِ} المراد به ما يُصاد منه؛ لأنه عطف عليه، وطعامُه: مالحُه وطافِيه، فلا بدَّ أن يكون المقرون بالطعام هو النوع الآخر وهو الرطب المصيد (٤)؛ ولأنه قال:{مَتَاعًا لَكُمْ} وإنما يُستمتع بنفس ما
(١) في المطبوع: «يستمعون» خطأ مطبعي. (٢) «هذا» ساقطة من س. (٣) في المطبوع: «وإذا» خطأ. (٤) في المطبوع: «الصيد» خطأ مخالف لما في النسختين.