وعند الفَارسيّ ومَن تبعه ظَرْف بمَعنى "حين"، وقَدّرها ابن مالك بـ "إذْ". (١) والعَامِلُ فيها جَوَابها، وهو:"أحْرَمُوا". وتقَدّم الكَلامُ عليها في الحديثِ الرّابع مِن "المذْي"، وفي السّادِس مِن "باب صِفَة الصّلاة".
قوله:"كُلّهم": تأكيدٌ للضّمير المرْفُوع. و"إلّا" حَرْفُ استِثناء. و"أبا قَتَادة": إنْ كَان منصُوبًا فعلى الاستثناء، والمرَادُ:"الطّائفَة الذين أمَرَهم النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يأخُذوا سَاحِلَ البَحْر". وإنّما تعَيّن النّصب على الاستثناء؛ لأنّه (٢) مِن مُوجَب.
وقد رأيتُه في بعض النُّسَخ:"أبو قتَادة"(٣) مرفُوعًا.
وذكر ابنُ مالك (٤) أنّه كَذلك، ووَجّه الرّفْع؛ فقَالَ:"إلّا" بمعنى "لكن"، و"أبو قتادة" مُبتدأ، و"لم [يُحْرِم](٥) " خَبره.
قال: ونظيرُه في كتابِ اللَّه قَراءَة ابن كَثير وَأَبِي عَمرو: {وَلَا يَلْتَفِت مِنْكُم أحَدٌ إلَّا امْرَأَتُكَ إنّه مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُم}(٦)، فـ "امْرَأَتُكَ" مرفُوعٌ بالابتِدَاء، والجمْلَة خَبره. وَلَا يجُوزُ أنْ تجعَل "امْرَأَتُكَ" بَدَلًا؛ لأنّها لم [تسِر](٧) مَعَهُم فيتضَمّنها ضَمير
(١) انظر: البحر المحيط (١/ ١٢٢)، (٣/ ٤١٩)، (٦/ ٢٥٧، ٢٩٨)، اللمحة (٢/ ٨٤٩)، المقتضب (٢/ ٤٤)، شرح التسهيل (٤/ ٦٥)، الجنى الداني (ص ٥٩٤ وما بعدها)، مغني اللبيب (ص ٣٦٩)، شرح الكافية الشافية (٣/ ١٦٤٢ وما بعدها، ١٥٧٧)، الأصول في النحو (٢/ ١٥٧)، شرح التصريح (١/ ٧٠٠)، الكليات للكفوي (ص ٧٩٠)، حاشية الصبان (٢/ ٣٩١)، همع الهوامع (٢/ ٢٢٢، ٥٤٤). (٢) أي: لأنه استثناءٌ من مُوجَب. (٣) صحيحٌ: البخاري (١٨٢٤). (٤) انظر: شواهد التوضيح (ص ٩٤). (٥) بالنسخ: "يجزم". (٦) سورة [هود: ١٨]. وانظر: البحر المحيط (٦/ ١٨٩). (٧) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "تتبين".