[وقال أبو (١) عبيدٍ أيضًا: حدثنا يزيدٌ، عن حُميدٍ، عن أنسٍ -أنَّ عمرَ بْنَ الخطَّابِ قرأ على المنبر ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)﴾ فقال: هذه الفاكهةُ قد عرفناهَا، فما الأبُّ؟ ثم رجَعَ إلى نفسِهِ، فقال: إنَّ هذا لهو التكلُّفُ يا عمرُ!
وقال (محمد بن سعدٍ)(٢): حدَّثنَا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ؛ قال: كُنَّا عند عمرَ بْنِ الخطَّاب ﵁ وفي ظَهْرِ قميصِهِ أربعُ رِقاعٍ، فقرأ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)﴾ فقال: فما الأبُّ؛ ثم قال: إنَّ هذا لهو التكلُّف؛ فما عليكَ أن لا تَدْريه؟] (٣).
وهذا كُلُّه محمولٌ على أنَّهُما ﵄ إنما أرادَا استكشافَ عِلْم كيفيَّةِ الأبِّ، وإلّا فكونه نَبْتًا من الأرضِ ظَاهرٌ لا يُجْهَل؛ (لقوله)(٤) تعالى: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا﴾ [عبس: ٢٧، ٢٨].
وقال ابنُ جريرٍ (٥): حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدثنا ابنُ عُلَيَّة، عن أيُّوبَ، عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ سُئل عن آيةٍ لو سُئلَ عنها بعضُكُم لقال فيها، فأبى أن يقولَ فيها.
"إسْنَادٌ"(٦) صَحِيْحٌ.
وقال أبو عبيدٍ: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن أبي مُليكة، قال: سأل رجل ابْنَ عباس عن ﴿يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [السجدة: ٥]؟ فقال له ابن عباس: فما ﴿يَوْمٍ كَانَ (١/ ٤/ ٢) مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤]؟ فقال له الرَّجُلُ: إِنَّما سألتُك لتحدِّثني؛ فقال ابنُ عبَّاسٍ: هما يومانِ ذكرهُما الله في كِتَابه الله أعلمُ بهما، فكره أنْ يقولَ في كتاب الله ما لا يعلم.
وقال (أيضًا)(٧) ابنُ جريرٍ (٨): حدَّثني يعقوبُ -يعني: ابنَ إبراهيمَ- ثنَا ابنُ عُلَيَّة، عن مَهْديِّ بنِ
(١) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد (٥٨/ ١)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٥١٢، ٥١٣)؛ وسعيد بن منصور في "تفسيره" (ق ١٨٦/ ١)؛ والحاكم (٢/ ٥١٤)، وعنه البيهقي في "الشعب" (ج ٥/ رقم ٢٠٨٤) من طريق يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس. قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي. (٢) ووقع في (ز) و (ك): "عبد بن حميد". وقد أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" - كما في "الفتح" (١٣/ ٢٧١)؛ وابن سعد (٣/ ٣٢٧) قالا: حدثنا سليمان بن حرب بسنده سواء. وأخرجه البخاري (١٣/ ٢٦٤، ٢٦٥) قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: كنا عند عمر فقال: "نهينا عن التكلف". هكذا أخرجه البخاري مختصرًا. وتكلم عليه الحافظ في "الفتح" بما يجدر أن يراجع. وأخرجه ابن جرير (٣٠/ ٦٠، ٦١)؛ وعبد بن حميد كما في "الفتح"؛ والبيهقي في "الشعب" (ج ٥/ رقم ٢٠٨٤)؛ والجوزقاني في "الأباطيل" (٧٠٤) من طرق عن الزهري، عن أنس. وسنده صحيح أيضًا. وقال الجوزقاني: "هذا حديث صحيح". (٣) ساقط من (ن). (٤) في (ن): "كقوله". (٥) في "تفسيره" (٩٨) وسنده صحيح. (٦) في (ل) و (ن): "إسناده". (٧) في (ن): "ابن جرير أيضًا". (٨) في "تفسيره" (٩٩) وسنده صحيح. والوليد بن مسلم هو ابن شهاب العنبري أبو بشر البصري وثقه ابن معين وأبو حاتم وابن حبان.