قال شعبة بن الحجاج، عن سماك، عن خالد بن عرعرة أنه سمع عليًا ﵁، وشعبة أيضًا عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل أنه سمع عليًا ﵁، وثبت أيضًا من غير وجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁، أنه صعد منبر الكوفة فقال: لا تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى، ولا عن سنة عن رسول الله ﷺ إلا أنبأتكم بذلك، فقام إليه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين ما معنى قوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١)﴾ قال علي: الريح، قال: ﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢)﴾؟ قال: السحاب، قال: ﴿فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣)﴾؟ قال: السفن، قال: ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤)﴾؟ قال: الملائكة (١).
وقد روي في ذلك حديث مرفوع، فقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إبراهيم بن هانئ، حدثنا سعيد بن سلام العطار، حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، فأخبرني عن الذاريات ذروًا، فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن المقسمات أمرًا، قال ﵁ عنه هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الجاريات يسرًا، قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقوله ما قلته. ثم أمر بضربه فضرب مائة وجعل في بيت، فلما برأ دعا به فضربه مائة أخرى وحمله على قتب وكتب إلى أبي موسى الأشعري ﵁: امنع الناس من مجالسته، فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى ﵁، فحلف بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئًا، فكتب في ذلك إلى عمر ﵁، فكتب عمر: ما إخاله إلا [قد](٢) صدق فخلِّ بينه وبين مجالسة الناس.
(١) أخرجه الحاكم من طريق أبي الطفيل به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٦٦) وصححه الحافظ ابن حجر (تغليق التعليق ٤/ ١٤٩)، وأخرجه الضياء المقدسي من طريق أبي الأسود عن عبد الله بن الكواء به (المختارة ٢/ ١٢٢ ح ٤٩٤). (٢) زيادة من (مح) و (حم) ومسند البزار.