يقول تعالى منكرًا على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارًا لوقوعها: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)﴾ أي: عن أي شيء يتساءلون؟ عن أمر القيامة وهو: النبأ العظيم، يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر. قال قتادة وابن زيد: ﴿النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ البعث بعد الموت (١).
وقال مجاهد: هو القرآن (٢). والأظهر الأول لقوله: ﴿الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)﴾ يعني: الناس فيه على قولين: مؤمن به وكافر.
ثم قال تعالى متوعدًا لمنكري القيامة: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥)﴾ وهذا تهديد شديد ووعيد أكد، ثم شرع ﵎ يبين قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره فقال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦)﴾ أي: ممهدة للخلائق ذلولا لهم قارة ساكنة ثابتة ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)﴾ أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها، وثبَّتها وقرَّرها حتَّى سكنت ولم تضطرب بمَن عليها.
ثم قال: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨)﴾ يعني: ذكرًا وأنثى يستمتع كل منهما بالآخر ويحصل التناسل بذلك كقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: ٢١].
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩)﴾ أي: قطعًا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار، وقد تقدم مثل هذه الآية في سورة الفرقان (٣). ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠)﴾ أي: يغشي الناس ظلامه وسواده كما قال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)﴾ [الشمس]
(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. (٢) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي نجيح عن مجاهد. (٣) آية ٤٧.