قال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي ﷺ خرج إلى البطحاء، فصعد الجبل فنادى:"يا صباحاه". فاجتمعت إليه قريش، فقال:"أرأيتم إنْ حَدثتكم أن العدوّ مُصبحكم أو مُمْسيكم، أكنتم تصدقوني؟ ". قالوا: نعم. قال:"فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبًّا لك. فأنزل الله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ إلى آخرها (١).
وفي رواية: فقام ينفض يديه، وهو يقول: تبًّا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾.
الأول: دعاء عليه، والثاني: خبر عنه. فأبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول الله ﷺ واسمه: عبد العُزّى بن عبد المطلب، وكنيته أبو عُتبة. وإنما سمي "أبا لهب" لإشراق وجهه، وكان كثير الأذية لرسول الله ﷺ والبغضة له، والازدراء به، والتنقص له ولدينه.
قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: أخبرني رجل -يقال له: ربيعة بن عباد، من بني الديل، وكان جاهليًّا فأسلم- قال: رأيت النبي ﷺ في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: "يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا". والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه أحولُ ذو غديرتين (٢)، يقول: إنه صابئ كاذب. يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمُّه أبو لهب (٣).
ثم رواه عن [سُرَيج](٤)، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، فذكره - قال أبو الزناد: قلت لربيعة:
(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)﴾ [المسد] ح ٤٩٧٢). (٢) أي: ذو ذؤابتين. (٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وحسن سنده محققوه. (المسند ٢٥/ ٤٠٤، ٤٠٥ ح ١٦٠٢٣). (٤) كذا في المسند وفي الأصل و (ح): بلفظ: "شريح".