فأما قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)﴾ فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة. وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى، عن أنس فقال: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس أنه قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)﴾ قال: قال رسول الله ﷺ: "أُعطيتُ الكوثر، فإذا هو نهر يجري، ولم يُشق شقًّا، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ، فضربت بيدي في تربته، فإذا مسْكه ذَفَرة، وإذا حصاه اللؤلؤ"(١).
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر، حافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء، فإذا مسك أذفر. قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله ﷿"(٢).
ورواه البخاري في صحيحه، ومسلم، من حديث شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: لما عُرجَ بالنبي ﷺ إلى السماء قال: "أتيتُ على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر" وهذا لفظ البخاري ﵀(٣).
وقال ابن جرير: حدثنا الربيع، أخبرنا ابن وهب، عن سليمان بن هلال، عن شريك بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا قال: لما أسري برسول الله ﷺ، مضى به جبريل في السماء الدنيا، فإذا هو بنهر عليه [قصر](٤) من لؤلؤ وزبرجد، فذهب يَشمّ تُرَابه، فإذا هو مسك. قال:"يا جبريل، ما هذا النهر؟ قال: هو الكوثر الذي خَبَأ لك ربك"(٥).
وقد تقدم [في](٦) حديث الإسراء في سورة "سبحان"، من طريق شريك عن أنس [عن النبي ﷺ](٧). وهو مخرج في الصحيحين (٨).
وقال سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله ﷺ قال: "بينما أنا أسير في الجنة إذ عَرَض لي نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ مُجَوف، فقال الملك الذي معه: أتدري ما هذا؟ هذا الكوثر الذي أعطاك الله. وضرب بيده إلى أرضه، فأخرج من طينه المسك"(٩). وكذا رواه سليمان بن طِرْخان، ومعمر وهَمّام وغيرهم، عن قتادة، به.
وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن أبي سُرَيج، حدثنا أبو أيوب العباسي، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثني محمد بن عبد الله، ابن أخي ابن شهاب، عن أبيه، عن أنس قال: سُئل رسول الله ﷺ عن الكوثر، فقال:"هو نهر أعطانيه الله في الجنة، ترابه مسك أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجُزُر"(١٠). فقال أبو بكر: يا رسول الله، إنها
(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣/ ٢٤٧)، وسند صحيح. (٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣/ ١٠٣)، وسند صحيح. (٣) صحيح البخاري، التفسير، باب سورة ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)﴾ [الكوثر] (ح ٤٩٦٤). (٤) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: قبة. (٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده شريك سيئ الحفظ ولكنه توبع في الروايات السابقة واللاحقة. (٦) كذا في (ح) و (حم). (٧) كذا في (ح) و (حم). (٨) تقدم تخريجه في تفسير سورة الإسراء. (٩) أخرجه الطبري عن بشر عن سعيد به، وسنده صحيح. (١٠) أي: الإبل.