وهذا الذي قاله عكرمة حسن؛ فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد. وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة. ولهذا قال محمد بن كعب: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)﴾ قال: المعروف (١). ولهذا جاء في الحديث:"كل معروف صدقة"(٢).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وَكِيع، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)﴾ قال: بلسان قريش: المال (٣).
وَرَوى هاهنا حديثًا غريبًا عجيبًا في إسناده ومتنه، فقال: حدثنا أبي، وأبو زُرْعَة قالا: حدثنا قيس بن حفص الدارمي، حدثنا دلهم بن دَهثم العجلي، حدثنا عائذ بن ربيعة النّميري، حدثني قرة بن دُعموص النّميري: أنهم وفدوا إلى رسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله، ما تعهد إلينا؟ قال:"لا تمنعوا الماعون". قالوا: يا رسول الله، وما الماعون؟ قال:"في الحَجَر، وفي الحديدة، وفي الماء". قالوا: فأي حديدة؟ قال:"قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به". قالوا: وما الحَجَر؟ قال:"قدوركم الحجارة"(٤).
غريب جدًّا، ورفعه منكر، وفي إسناده من لا يعرف، والله أعلم.
وقد ذكر ابنُ الأثير في الصحابة ترجمة "علي النميري"، فقال: روى ابن قانع بسنده إلى عائذ بن ربيعة بن قيس النميري، عن علي بن فلان النميري: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "المسلم أخو المسلم. إذا لقيه حَيَّاه بالسلام، ويرد عليه ما هو خير منه، لا يمنع الماعون". قلت: يا رسول الله، ما الماعون؟ قال:"الحَجَر، والحديد، وأشباه ذلك"(٥).
آخر تفسير سورة "الماعون"، ولله الحمد.
(١) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق محمد بن رفاعة عن محمد بن كعب. (٢) أخرجه البخاري من حديث جابر ﵁. (الصحيح، الأدب، باب كل معروف صدقة ح ٦٠٢١). (٣) سنده صحيح. (٤) ضعفه الحافظ ابن كثير سندًا ومتنًا. (٥) ذكره ابن الأثير (أسد الغابة ٤/ ١٢٧)، والحافظ ابن حجر (الإصابة ٢/ ٥١١)، والحافظ ابن كثير (جامع المسانيد ٦/ ٢٩٢ رقم ٧٧٤٧)، وعائذ بن ربيعة بن قيس النميري لم أجد له ترجمة.