وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء، على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة؛ لقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾.
ثم قال: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي: يوم القيامة، ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ أي: بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ.
﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم، ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ فيما منحهم من الفضل العميم.
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ أي: هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حق تقواه، وعبده كأنه يراه، قد علم أنه إن لم يره فإنه يراه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب -مولى أبي هريرة- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ألا أخبركم بخير البرية؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال:"رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، كلما كانت هَيْعَة (١) استوى عليه. ألا أخبركم بخير البرية؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال:"رجل في ثُلَّة من غنمه، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. ألا أخبركم بشر البرية؟ ". قالوا: بلى. قال:"الذي يَسأل بالله، ولا يُعطي به"(٢).
آخر تفسير سورة ﴿لَمْ يَكُنِ﴾.
(١) الهيعة: الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو. (٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصححه محققوه بالشواهد. (المسند ١٥/ ٧٢ ح ٩١٤٢).