يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي ﷺ قال: عند ذكر أهل النار: "كل جعظري جواظ مستكبر، جماع مناع"(١). تفرد به أحمد. قال أهل اللغة: الجعظري: الفظّ الغليظ، والجوّاظ: الجموع المنوع.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا عبد الحميد، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غُنم قال: سئل رسول الله ﷺ عن العتل الزنيم. فقال:"هو الشديد الخلق المصحح، الأكول الشروب، الواجد الطعام والشراب، الظلوم للناس، رحيب الجوف"(٢).
وبهذا الإسناد قال رسول الله ﷺ:"لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري والعتل الزنيم"(٣). وقد أرسله أيضًا غير واحد من التابعين.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله ﷺ: "تبكي السماء على عبد أصح الله جسمه، وأرحبَ جوفه، وأعطاه من الدنيا مقضمًا، فكان للناس ظلوما قال: فذلك العتل الزنيم"(٤). وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين. ونصَّ عليه غير واحد من السلف منهم مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم أن العتل هو: المصحَّح الخلق، الشديد القوي في المأكل والمشرب، والمنكِّح وغير ذلك (٥).
وأما الزنيم فقال البخاري: حدثنا محمود، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)﴾ قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة (٦) الشاة (٧)؛ ومعنى هذا: أنه كان مشهورًا بالسوء كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها، وإنما الزنيم في لغة العرب هو الدَّعي في القوم قاله ابن جرير وغير واحد من الأئمة قال: ومنه قول حسان بن ثابت؛ يعني: يذم بعض كفار قريش:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم … كما نِيط خلف الراكب القَدَح الفرد (٨)
(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١١/ ١٤٥ ح ٦٥٨٠)؛ وصحح سنده محققوه. (٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٩/ ٥١٦ ح ١٧٩٩١)؛ وضعف سنده محققوه لضعف شهر بن حوشب. (٣) المصدر السابق، وحكمه كسابقه. ويشهد له ما رواه أبو داود من حديث حارثة بن وهب ﵁ (السنن، الأدب، باب في حسن الخلق، ح ٤٨٠١)؛ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤٠١٦). (٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإرساله. (٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن بلفظ: "هو الفاحش اللئيم الضريبة"؛ أي: السجية. وهكذا أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق منصور عن أبي رزين بلفظ: "الشديد"؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: شديد الأشَر، وأخرجه ابن أبي شيبة بسند جيد من طريق أبي الزبير عن عبيد بن عمير بلفظ: "الأكول الشروب القوي الشديد". (٦) الزنمة: شيء يقطع من أذن البعير فيترك معلقًا. (لسان العرب ز ن م). (٧) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)﴾ [القلم] ح ٤٩١٧). (٨) استشهد به الطبري، وهو في ديوان حسان ﵁ ص ١١٨.