وقال البخاري: حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا أبو حازم، حدثنا سهل بن سعد قال: رأيت رسول الله ﷺ قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تليها: "بعثت أنا والساعة كهاتين"(١).
ثم قال تعالى: ﴿فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ أي: فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك كقوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ [الفجر: ٢٣]. ﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٢)﴾ [سبأ].
وقوله: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ هذا إخبار بأنه لا إله إلا الله ولا يتأتى كونه آمرًا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه بقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.
وفي الصحيح: أن رسول الله ﷺ كان يقول: "اللَّهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللَّهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي"(٢).
وفي الصحيح: أنه كان يقول في آخر الصلاة: "اللَّهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني أنت إلهي لا إله إلا أنت"(٣).
وفي الصحيح أنه قال:"يا أَيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"(٤).
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول قال: سمعت عبد الله بن سرجس قال: أتيت رسول الله ﷺ فأكلت من طعامه فقلت: غفر الله لك يا رسول الله فقال ﷺ: "ولك" فقلت: أستغفر لك. فقال رسول الله ﷺ:"نعم ولكم" وقرأ ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ ثم نظرت إلى نُغْض (٥) كتفه الأيمن - أو كتفه الأيسر شعبة الذي شك - فإذا هو كهيئة الجُمع عليه الثآليل (٦)، ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن عاصم الأحول به (٧).
وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى: حدثنا محمد بن عون، حدثنا عثمان بن مطر، حدثنا عبد الغفور، عن أبي نصيرة، عن أبي رجاء، عن أبي بكر الصديق ﵁، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما فإن إبليس قال: إنما أهلكت الناس
(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأعراف آية ١٨٧. (٢) أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري ﵁ (صحيح البخاري، الدعوات، باب قول النبي ﷺ: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت" ح ٦٣٩٨، وصحيح مسلم، الذكر والدعاء ح ٢١٧٩). (٣) أخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب ﵁ (الصحيح، صلاة المسافرين وقصرها ح ٧٧١). (٤) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة ﵁ (الصحيح، الدعوات، باب استغفار النبي ﷺ في اليوم والليلة ح ٦٣٠٧). (٥) أي: أعلى كتفه. (٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ٨٢) وسنده صحيح. (٧) صحيح مسلم، الفضائل، باب إثبات خاتم النبوة (ح ٢٣٤٦).