وقال أحمد أيضًا: حدثنا ابن نمير، حدثنا محمد - يعني: ابن عمرو -، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام ﵁ قال: لما نزلت هذه السورة على رسول الله ﷺ: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)﴾ قال الزبير ﵁: أي رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال ﷺ:"نعم ليكررن عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه" قال الزبير ﵁: والله إن الأمر لشديد (١). ورواه الترمذي من حديث محمد بن عمرو به وقال: حسن صحيح (٢).
وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أول الخصمين يوم القيامة جاران"(٣). تفرد به أحمد.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "والذي نفسي بيده إنه ليختصم حتى الشاتان فيما انتطحتا"(٤) تفرد به أحمد ﵀.
وفي المسند عن أبي ذرٍّ ﵁ أنه قال: رأى رسول الله ﷺ شاتين تنتطحان فقال: "أتدري فيم تنتطحان يا أبا ذرّ؟ " قلت: لا. قال ﷺ:"ولكن الله يدري وسيحكم بينهما"(٥).
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا سهل بن محمد، حدثنا حيان بن أغلب، حدثنا أبي، حدثنا ثابت، عن أنس ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: "يجاء بالإمام الجائر الخائن يوم القيامة فتخاصمه الرعية فيفلجون (٦) عليه فيقال له: سد ركنًا من أركان جهنم"(٧) ثم قال: الأغلب بن تميم ليس بالحافظ.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﵄ ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)﴾ يقول: يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظالم، والمهتدي الضال، والضعيف المستكبر (٨).
وقد روى ابن منده في كتاب (الروح)، عن ابن عباس ﵄ أنه قال: يختصم الناس يوم القيامة حتى تختصم الروح مع الجسد، فتقول الروح للجسد: أنتَ فعلتَ. ويقول الجسد للروح: أنتِ أمرتِ وأنتِ سولتِ، فيبعث الله ملكًا يفصل بينهما فيقول لهما: إنّ مثلكما كمثل رجل مقعد بصير والآخر ضرير دخلا بستانًا، فقال المقعد للضرير: إني أرى ههنا ثمارًا ولكن لا أصل إليها، فقال له الضرير: اركبني، فتناولها فركبه فتناولها فأيهما المعتدي؟ فيقولان: كلاهما، فيقول لهما
(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ١٦٧) وسنده حسن. (٢) سنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة الزمر (ح ٣٢٣٦). (٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١٥١) وحسن سنده الهيثمي (مجمع الزوائد ١٠/ ٣٤٩) وحسنه أيضًا السيوطي في الدر المنثور. (٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٩) وسنده ضعيف وله شواهد تقويه منها في صحيح مسلم، البر، باب تحريم الظلم (ح ٢٥٨٢). (٥) أخرجه الإمام أحمد (المسند ٣٥/ ٣٤٥ ح ٢١٤٣٨) وحسن سنده محققوه بالطرق والشواهد. (٦) أي: يظهروا عليه الحجة. (٧) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ١٦٤٤)، وسنده ضعيف لضعف أغلب بن تميم (لسان الميزان ١/ ٤٦٤). (٨) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.